Monday, January 17, 2011

نعم تقريباً هذا هو


نعم تقريباً هذا هو

محمد علي شمس الدين


أخيراً، مات الماغوط.
وأحسب أنه سيحلّ في جسد طائر.
وبدأتُ أفكّر: ما هو؟ وأين؟
* الحمامة؟
- كلا. الماغوط ليس في بياض الحمامة ووداعتها.
* الغراب؟
- ومن أين له ريشٌ أسود كريش الغراب، ونعيب لا ينقطع على الأموات؟
* النسر؟
- كلا. الماغوط وإن كان له عين النسر ومنقاره، إلاّ انه لا يحطّ على الجيف.
* العصفور؟... الأحدب؟
- كلا. الماغوط ليس عصفوراً يصطاده الصيادون المتجولون، ولا هو بأحدب فيكون فرجة.
* الهدهد؟
- كلا. فالماغوط ما كان رسولاً ينتقل من بلاط لآخر.
* الطاووس؟
- آه ما كان أبعده عن ريش الطواويس الملوّن.
* الكنار؟
- وما كان صوته يغرّد ويثرثر ويكرّ كالكنار ألف كرّة في اللحظة.
* ببغاء؟
- كلا فهو يستعصي على التلقين.
* حجلاً؟
- ويستعصي على الصياد.
* أهو طائر حبّ ملوّن؟
- أيضاً كلا. هو أشدّ قسوة من هذا اللطيف العاطفي.
* سنونوة سوداء، إذن...
- لقد كان أضخم من ألف سنونوة سوداء متراكمة بعضها فوق بعض.
* رخّ... عنقاء... سيمرغ؟
- آه... إنها طيور الخرافة. كلا. الماغوط ليس من طيور الخرافة.
* أهو طائر الهامة؟
- كلا، وإن رأيته مرةً يقف على جدار المقبرة ويصرخ اسقوني.
* هل سقيتَه؟
- نعم
لكنه رفض الماء.
* إذن
لا هو الرخ ولا العنقاء
لا السيمرغ ولا الهامة
لا النسر ولا الحمامة ولا الطاووس ولا الكنار
فمن هو إذن؟
- حسناً...
سأروي لكم حكاية رواها رسول عن طاغور قال:
"رأيتُ في كلكوتا في بيت رامبرانت طاغور العظيم، طائراً مرسوماً. هذا الطائر ليس موجوداً على الأرض، ولم يوجد عليها إطلاقاً. إنه ولد وعاش في نفس طاغور. إنه ثمرة خياله. لكنْ، طبعاً، لو لم يرَ طاغور أبداً طيوراً حقيقية، طيوراً على هذه الأرض، لما استطاع أن يخلق صورة طائره البديع".
* إذن: الماغوط طائر نفسه.
- نعم. تقريباً. هذا هو.

No comments:

Post a Comment